يتأمل فرنسيس وقد استنار بالروح، في المسيح المتواضع والفقير، مجد الله الحقيقي. انّه أمام تنازلات ابن الله، يرى نجمة ينيرها حبّ لا يقاس ولا يدنى منه: " ابن الله الوحيد، الحكمة العالية. غادر حضن الآب...لم يحتفظ لنفسه بشيء. لقد أعطى كلّ شيء..."
تجرّدٌ أسلم فرنسيس لاضطراب كبير وتركه في ذهول لا يوصف:
" كلمة الآب الجزيل الوقار، القدّوس والممجّد... اتّخذ حقا في مريم جسد إنسانيتنا الضعيفة. انّه، وهو الغني فوق كلّ شيء، أراد مع أمّه الطوباوية مريم العذراء، أن يختار الفقر في هذا العالم".
يرى فرنسيس أنّ اختيار الفقر هو وحي من الله، ويعبّر عن حبّ يسلم ذاته كلّيا وبمجانية مطلقة.
وحي الله المجاني: كلمات يقصد بها أنّ الله ليس من حقّنا أي مُلكاً لنا، بل هو رجاؤنا رجاء الفقراء.
" لقد خلّصنا برحمته، على الرغم من ضعفنا وشقائنا، من فسادنا وعارنا، من جحدنا ومساوئنا. لم يفعل لنا في الماضي والحاضر إلا كلّ خير".
لذلك لا يستطيع أن يبعد بصره عن المزود وعن الصليب: انه يرى فيهما الوحي الحسّي والمضيء لحبّ مجّاني، لا حدود له. " موضوعان يسيطران عليه بشكل يستحيل معهما أن يفكّر بشيء آخر: التواضع المتجلّي بالتجسّد والحبّ المتجلّي في الآلام". ( يتبع )
|