كما في كلّ سنة، وخلال العطلة الانتصافية، قمنا برياضة روحية من 21 وحتى 23 كانون الثاني 2008، في دير سيدة الجبال للكلدان في قرية البطار. شارك في هذه الرياضة مجموعة من الشباب والشابات من مدينتي الحسكة والقامشلي. القى العظات الأب نضال توماس وكان موضوعها : " بولس الرسول ". ورافقت الأخوات منى، بياريت ومونيك، من راهبات الفرنسيسكانيات مرسلات مريم في الحسكة، المتريضين من خلال مشاركة التأمل في المجموعات.
في اليوم الأول تاملنا في اهتداء بولس على طريق دمشق ولقاءه بيسوع المسيح. هذا الحدث الذي هو محور حياته وولادته كرسول للأمم. هذه الولادة التي حوّلته من مضطهد للايمان الى رسول كرّس نفسه من أجل هذا الايمان.
في اليومين التاليين تأملنا في ثمار الروح القدس التي كلّمنا عنها بولس الرسول في رسالته الى أهل غلاطية 5/22-24 وفي مفاعيلها في حياتنا اليومية وفي علاقتنا مع الله ومع الآخرين. ( أطلب الصور )
اليكم شهادتا حياة لشابتين عاشتا هذه الخبرة الروحية العميقة:
" أن أسافر من شرق البلد إلى غربها، كان ضرورة كي أفهم كيف عليّ أن أنتقل من حال إلى حال على أثر هذه الأيام الثلاثة، تاركة كلّ انشغالاتي الساذجة لأنطلق في رحلة طويلة إلى الداخل، متخلّية عن كلّ مهاراتي لأتعلّم لغة الصمت علّها تفتح حديثا بمفردات جديدة بين الهي وبيني، لغة بدأت أتعلم أبجديتها وقواعدها مع الراهبات، وكم كانت دهشتي من صعوبتها وغناها، فكلّما اجتهدت أكثر ازداد إحساسي بضعفي وتهاوني. ومع شرح الأب نضال للاهوت القدّيس بولس، كانت الفرصة الحقيقية لتعلّم كيفية الانتباه لصوت الروح القدس فينا، وكيف نصغي إليه مميّزين بين إرادته ورغباتنا وأخيرا كيف نجعله يملك على حياتنا من خلال وضعها بين يدي الله متمّمين مخططاته. وهنا جاء دور الطبيعة لتعطينا المثال الحيّ عن تسليم كلّ المخلوقات لإرادة الله. كأنّ كلّ الأشياء تضافرت لتعطينا نعما دائمة وإن لم ندركها مباشرة إلا أنّ ثمارها بدأت تظهر منذ عودتنا..."
ديمة عيسى - القامشلي
" في كلّ رياضة روحية يختبر الإنسان بعمق: إما الصعود لعيش السماويات أو الهبوط والعبور إلى الأرضيات. وفي كلا الحالتين يكون الله معنا ويريد أن يرينا محبّته اللامتناهية لنا، نحن البشر. فقط على الإنسان أن يتعرّى من أنانيته ويعيش الشفافية مع نفسه ويستسلم لإلهامات الروح القدس التي تقوده للغوص في أعماق ذاته. لذا يجب أن نكون دائمي الانتباه واليقظة لكلّ ما يدور من حولنا وداخلنا وأن نرى اله المحبّة متجلّيا في الطبيعة وفصولها وحركاتها وفي الناس وما يفعلون، لربما يحاكينا الله من خلالهما وهذا ما يحدث في كثير من الأحيان عندما نعيش الصمت والتأمل. فعلى الإنسان أن يكون أمينا صابرا على نفسه حتى وإن لم يشعر بشيء وصعب عليه فهم أي شيء، لأنّ الله في النهاية سيتدخل بطريقة ما ويفهمنا ما يريده منّا، أن نعيش بفرح وسلام وإيمان مستمر.
أنت يا ربّ الذي صلبت لأجلنا
أنت الذي متّ لتحيينا
أنت الذي تحمّلت العار لخلاصنا
أنت الذي سفكت دمك لتسقينا ماء الحياة
أعطنا أن نحبّك ولو بقدر ضئيل مما أحببتنا به.
دعنا نحمل ونتحمّل معك كلّ حسب ما تعطيه إرادتك
وارحمنا يا ربّ يا اله الكون ارحمنا..."
ديما قس داوود- الحسكة
|