( أطلب الصور )
لقد عشت مرحلة الابتداء (2002-2004) في مصر ثم لم أعد إلى هناك مرة ثانية، ولكن دائماً كان بداخلي الرغبة للرجوع إليها حتى لو لعدة أيام لقضاء رياضة روحية أو عمل دورة تنشئة.
لم أكن أعلم أنّ الربّ يعد لي مفاجأة!! وهي أن أمضي فترة تحضير للنذورات الدائمة لمدة خمسة أشهر في المكان الذي دعا فيه الرب ابنه.
هكذا اقُترح علي أن أعمل تحضيرات النذور الدائمة في بيت كليوباترا (الأسكندرية) حيثُ بدأت حياتي الرهبانية وفيه ايضاً يُحضّرني الربّ للحياة المستقبلية.
سألتني الأخت ناريل إذا أريد عمل التحضيرات مع راهبات من جنسيات واقاليم مختلفة. عنوان الدورة " التمييز والتعمق في حياة الفرنسيكانيات مرسلات مريم"
هذه التنشئة ستكون باللغة الفرنسية وسيتخللها رياضة اغناطية لمدة 30 يوماً مع الأب زيغمونت اليسوعي.
أخذت وقتاَ للصلاة والتفكير لأتمكن من إعطاء الجواب. وبما أنّني لم أُنهِ دراستي في الجامعة. سألت الأب المدير، إذا كان بإمكاني التغيب عن الفصل الأخير من الدراسة. شعرت أنّ جوابه هو علامة من الله، عندما قال لي موافقاً:" أكيد يا أنطوانيت ، شاركي في هذه التحضيرات لأنّ الرهبنة هي قبل الدراسة."
قلت: " نعم " بالرغم في محدوديتي ومخاوفي من اللغة الفرنسية. ولم أغيّر نعمي عندما بدأت الأحداث في مصر تبدو أكثر تأزماً. حتى قلق الراهبات والأهل والأصدقاء لم يغيّر القرار الذي اتخدته.
عند وصولي القاهرة استقبلتني الأختان منى وجرمين. أما السيارة فكانت حاضرة بعد أن أخذ رقمها ورقم محمول السائق لتنقلني إلى الأسكندرية. كان السفر على الطريق الصحراوي الذي خلا تقريبا من السيارات والناس ما عدا الدبابات التي وجدت أمام كل الأماكن المهمة. بالرغم من المخاطر، منحني الربّ نعمة السلام الداخلي.
التحقت بمجموعة الراهبات بعد عشرة أيام من بداية الدورة، وذلك لأستطيع تقديم امتحانات الفصل الأول.
عند وصولي استقبلتني الراهبات بفرح كبير، وفي اليوم التالي: تحدثت معي المسؤولتين: سالومه (بوركينا) جورجينا (موزامبيق) وشرحتا لي برنامج التنشئة بشكل عام.
أما أسماء المشاركات فهم: الأخوات بريجيت وماري كلير وفلوريت من الكونغو، أنّا من السنغال، ماري كلير وفيوليت من مدغشقر/مالغاش.
كان محتوى الدورة غنياً وعميقاً جداً وقد لمس كل الأبعاد المهمة لحياة كل راهبة من الفرنسيسكانيات مرسلات مريم:
* التكرس والنذور مع الأخت كريستيان.
* معرفة الذات مع الأخت كليمونتين(كونغو)
* ولادة وتطور الموهبة الروحية في حياة ماري دو لا باسيون والمؤسِسَات، الانتماء، الإرسال والإستقبال،العهد، كل هذه الموضوعات أعطيت من قبل الأختين سالومه وجورجينا
* إدارة أموال (خيرات) الرهبنة مع الأخت ميشال ماتيشكا.
مشروع الجماعة الذي وضعناه سوية خدم كثيرا هدف التنشئة: "التمييز والتعمق".
أما الرياضة الصامتة التي جاءت في قلب التنشئة سمحت لي بعيش وقت مكثفاً ومجاني مع الرب وللرب وتكريس حياتي مجدداً له
لقد أعطاني الرب نعماً كثيرة وأكّد لي حضوره في حياتي وجدد دعوته لي من خلال كلمته: " لاتخافي، دعوتكِ، أنت لي" (أشعياء 1: 43).
كان تبادل الخبرات فيما بيننا عميقاً جداً، على المستوى الروحي وكذلك على مستوى معرفة ثقافة وعادات وتقاليد بلد كل واحدة منّا. لم نتبادل فيما بيننا الخبرات الروحية فقط بل المسؤوليات العملية المطلوبة لكل حياة رهبانية، فكل واحدة منا كان لها نصيب القيام بكل عمل من الأعمال التالية لمدة اسبوعين: الاهتمام بنظافة وترتيب الكنيسة، الليترجيا، المطبخ، التنظيف، الغسيل، المشتريات والمحاسبة، كتابة أهم الأحداث المعاشة في دفتر خاص، إدارة اجتماع الجماعة الأسبوعي.
إنّ عيشي لهذه الخدمات أشعرني بمسؤوليتي الكبيرة تجاه الجماعة وتجاه الرهبنة.
إلى جانب حياة التأمل والصلاة والعمل لم تنس الراهبات أثناء وضع برنامج الدورة من تخصيص بعض الأيام لزيارة الأماكن الهامة في مصر. فقد قمنا بزيارة أديرة وادي النطرون للأقباط الأرثوذكس، الكنائس المعلّقة في مصر القديمة، المقطّم، الاهرامات، أما الزيارة الأخيرة فهي جبل سيناء حيث نلنا نعمة كبيرة بالسير على خطى موسى. إذ في هذا المكان المقدس، نتذكر عهد الله مع شعبه ومع كل انسان.كان مرامقنا الروحي لهذا الحج الأب فييشك اليسوعي والذي بنفس الوقت سهّل لنا الكثير من الأمور.
الذي أثّر فيّ خلال التنشئة:
* أمانة الراهبات في حفظ ونقل روحانية الرهبنة منذ تأسيسها من جيل إلى جيل.
* التحضير المميّز للصلوات، للقداديس، التنشيط و الرقص مع ال تم تم.
* الفرح والابتسامة على وجوه الراهبات وبساطتهن في إلقاء التحية على الناس.
* إعطاء أهمية كبرى لأعياد القديسين، أعياد الميلاد، أعياد الاستقلال.
مثال على ذلك:30 حزيران عيد استقلال الكونغو بدأنا الاحتفال بصلاة الصباح واستمر النهار كله وفي المساء قامت الراهبات بتنشيط القداس على هذه النية ومسك الختام كان حفل عشاء في سفارة الكونغو في مصر.
الذي تعلّمته:
ليس المهم هو كمية المعلومات التي حصلت عليها، المهم هو طريقة استقبالي وعيشى لها.
الذي أحتفظ به :
"لا يطلب الله مني نجاحا بل تقدمة" ( ماري دو لا باسيون ).
هذه التنشئة سمحت لي عيش هوية كل ف م م:"تكريس حياتي من أجل رسالة في الكنيسة وهي: اعلان ملكوت الله".
لقد أحببت كل الراهبات، عشتُ معهن روح العائلة، الصلاة، الفرح، الانفتاح، الانثقاف، التعاون المتبادَل، الانتباه، احترام مسيرة كل واحدة، كل هذا لم يمنع من عيشي أيضا تحديات الاختلاف، وسوء الفهم والتفاهم ما سبب لي ألما كبيراً، ولكن قادني إلى طريق هداية، فمصالحة.
أخيرا أشكر ربنا على جميع عجائبه في حياتي، على هذا التحضير الذي لن أنساه أبداً، على اهتمام الأخت سوزان والأخت ناريل، على طواعية الأختين سالومه وجورجينا، على استقبال راهباتنا في مصر. أشكر الآباء اليسوعيين من أجل دعمهم الروحي لي ولكل المجموعة. أشكركن جميعا يا أخواتي وأتمنى أن تكملوا الصلاة من أجلي كي أستطيع أن أبقي أمينة لعهد الرب كل حياتي
تحضير النذور الدائمة للأخت أنطوانيت أوديشو
الأسكندرية من 10/2 إلى 28/6/2011
|