( أطلب الصور )
بعد مسيرة دامت إحدى عشرة سنة من التعمّق في روحانية رهبنة الفرنسيسكانيات مرسلات مريم، حان موعد إعلان نذوراتي الدائمة. وهكذا بدأ العمل الدؤوب للتحضير لهذه المناسبة الهامة من قبل جميع الراهبات. فمنهن من شاركن بالتحضيرات العملية التي سبقت النذور كتنسيق كتاب القداس وإعداد لوحات تضمنت لمحة عن روحانية الرهبنة وبعض الجمل من كتابات القديس فرنسيس الأسيزي والطوباوية ماري دو لا باسيون، ومنهن من شاركن بتحضير المواضيع والسجود ومنهن من شاركن بالحضور الفعلي أو بالحضور الروحي من خلال الصلاة التي كانت دعما قويا لكل ما تم تحضيره ولكل ما عشناه.
كل شيء تمّ بحماس ومثابرة. فما إن وصلت الأخت سهام زغيب من بلجيكا حيث عاشت سنة من التنشئة الرهبانية حتى باشرت مع الأختين مريم وكراسيا بتهيئة الأجواء لحدثين مهمّين :
أوّلهما افتتاح بيت الراهبات في الحسكة بعد سنة من إغلاقه. والثاني إعلان نذوراتي الدائمة.
منذ وصولنا إلى الحسكة قمنا بزيارة الكنائس لإعلام الأساقفة والكهنة بعودتنا ولدعوتهم لحضور النذور فرحبوا بنا كثيرا وأثنوا جميعهم على الدور المهم لوجود الراهبات في مدينة الحسكة وخصوصا بالنسبة إلى التعليم المسيحي وزيارة الأسَر. أما فرحة الناس فلا تُقدّر بثمن ومن كلماتهم: " خلص يعني رجعتن. يعني أكيد فتح البيت من جديد. يا مسور نشّفنا نحني بحاجة إلكن. بحاجة للقاءات انجيلية، لرياضات روحية، بحاجة ل ...".
وهكذا فتح بيت الراهبات لاستقبال الناس، للإصغاء إليهم ولتلمّس احتياجاتهم ولمشاركتهم أفراحهم وأحزانهم.
واستعدادا لليوم المنشود تم التعاون مع الأب نضال توماس ومع جميع الفِرق في كنيسة الكلدان وبالتنسيق مع جميع مراكز التعليم في مدينة الحسكة. فقبل أسبوعين من النذور كانت عظات الأب نضال عن الدعوة حيث شجّع الشبيبة لاكتشاف دعوة الله في حياتهم كما شجّع الأهل حتى لا يعارضوا اختيارالله لأبنائهم بل يتجاوبوا مع مشيئة الله.
أمّا القداس الاحتفالي بمناسبة عيد القديس فرنسيس الأسيزي فكان انطلاقة مراكز التعليم المسيحي حيث تمت دعوة جميع المربيين والمربيات للمشاركة في اللقاءات التي سبقت النذور كنوع من التنشئة الروحية لهم. وقد تضمنت اللقاءات المواضيع التالية: الالتزام، تجاوب مع الحب، أولادكم أبناء الحياة، وتكللت بساعة سجود أمام القربان المقدس بعنوان: " اثبتوا في محبّتي ". وفي اليوم التالي احتفلنا بالقداس الإلهي حيث أعلنت نذوراتي الدائمة.
لقد كانت الدعوة عامة والحضور عفويّا، الأجواء جدَّ مصليّة. الجميع كان له حصة من العمل والتقدمة فسيادة المطران أنطوان أودو الجزيل الاحترام ترأس الاحتفال والأب نضال تعب وسهر ونظّم، والأب سمير شرح معاني النذور والتقادم، الكهنة حضروا، الشمامسة خدموا، الراهبات جئنَ من الأردن ومصر ولبنان ودمشق وحلب والحسكة، والأهل فرحوا وتأثّروا، والكورال رتّل والشعب شارك وشهد، والفرقةالنحاسية عزفت، والفرقة الأشورية دبكت . أوقات من الصلاة والفرح لن تُنسى أبدًا.
ما عشته شخصيًا خلال هذه الأيام المباركة جعلني أشعر بأنّ حضور الرب القوي كان معي ليؤكّد لي أنّه يرافقني في كل خطوة.
" لا تخافي، دعوتكِ، أنت لي" أش1/43. إنني أعجز عن وصف ما غمرني به من محبة وفرح وسلام داخلي ونعم كثيرة طلبتها بهذه المناسبة.
كنت دهشةً مَمّا يحدث من حولي من استعداد الجميع للعمل، للمشاركة، للعطاء المجاني، للتقدمات السخيّة، دهشةً لابتسامات الأطفال،لاندفاع الشبيبة، لتساؤلاتهم، دهشة لدعوات الجميع لي للثبات في دعوتي، لفرحهم باختياري طريق الرب.
دهشةٌ أنا أيضا لعمل الربّ ومسيرته مع أسرتي، لتجاوبهم معه ومعي، لاكتشافهم من جديد لدعوتي ولرسالة الرهبنة.دهشةٌ أنا للجرأة التي منحني إيّاها الرب يوم النذور حيث أعلنت: هاءنذا إني أسلّم لك ذاتي تسليما كلّيًّا.
ما عشته لم يكن محصورا بي أو بأسرتي أو بالرهبنة، إنّه حدث عاشته كنيسة الحسكة بحضور المسيحيين من مختلف الكنائس الأخرى الكاثوليكية والأرثوذكسيّة والأشورية. جاءُوا جميعهم ليشهدوا على ختم الله لدعوتي الذي تمّ في الكنيسة بحضور أخواتي الراهبات والأهل والأصدقاء ولفيف كبير من المؤمنين.
بهذه المناسبة لا يسعني إلا أن أشكر الرب على محبته وأمانته، أشكره على جميع الذين وضعهم في طريقي وكان لهم الفضل في متابعة مسيرتي وصولا إلى تكريس حياتي الكلّي له.
أشكر جميع الذين واللواتي بذلوا جهودا كثيرة للتحضير لنذوراتي. أشكر بشكل خاص سيادة المطران أنطوان أودو الجزيل الاحترام وليبارك الرب خدمته ورسالته. كما أشكر الأب نضال توماس والأب سمير كانون ليعطي الرب من خلال روحهما الرسولية ثمارا مباركة للكنيسة.
أشكر الأخت سوزان فيليب الرئيسة العامة للرهبنة والأخت ناريل سكيرس الرئسة الإقليمية للشرق الأوسط وجميع أخواتي الراهبات في الشرق وفي العالم ولنعش دوما ما أوصتنا به أمنا الطوباوية ماري دو لاباسيون
"سيروا كانجيل حيّ".
أشكر جميع الذين حضروا والذين رافقوني بالصلاة والذين شاركوني فرحتي من خلال رسائلم المكتوبة بخط اليد أو عبر الانترنت.
سعادتي كبرت بحضوركم، بمشاركاتكم، بصلواتكم من أجلي. وأنا بدوري أشكركم جميعًا من أعماق قلبي طالبة إلى الرب أن يُبارك حياتكم ويملأها فرحا وسعادة، وأن يجعلها دائما مبشّرة بملكوت الله.
|