كيف ننفتح على روح الربّ؟ كيف نتركه يعمل فينا؟
إن السعي إلى روح الرب مغامرة تحتاج قبل كلّ شيء إلى " القلب النقي". لذلك بعد أن حثّ فرنسيس الأخوة على طلب روح الربّ، دعاهم " إلى تقديم صلاتهم لله بقلب طاهر ونقي".
القلب النقي هو القلب الذي يعي فقره بتواضع أمام الله، معترفا بأنه وحده القدوس، فلا يجد الفرح إلا عنده. هو القلب الذي لا عودة له إلى ذاته؛ القلب المتجه كليا إلى الله. عيناه شاخصتان به وقد امتلأ بفرح التسبيح. انه فعلا قلب فقير... ثمّ إن هناك علاقة وطيدة بين : " القلب الطاهر" و " العبادة" يقول فرنسيس: " إن من لا ينقطعون أبدا عن عبادة الله الحيّ والحقّ ويجعلونه قبلة أنظارهم، هؤلاء فقط يملكون قلبا طاهرا". فالقلب الطاهر لا يقبل الانفصال عما يدلّ عليه، أي عن العبادة.
القلب يصبح نقيا فعلا في العبادة. فيها يُفرغ ذاته من كلّ ما يشغله حتى من شاغل كماله الشخصي. وصفاء القلب كما يراه فرنسيس، ليس صفة أخلاقية بقدر ما هو عمق في المقابلة والعبادة. القلب الطاهر لا يرى إلا الله؛ يرى رفعته وقداسته اللامتناهية، يرى فرحه الأبدي وهذا يكفيه. وهذا الاستعداد هو من عمل روح الربّ في الإنسان.
لذا يؤكد فرنسيس في كتاباته كلها، طالبا من الإخوة أن يتوجهوا إلى الله كليا ويعبدوه " بقلب طاهر": لنحبّ الله ونعبده بقلب طاهر وفكر نقي. هذا ما يطلبه الله منّا قبل كلّ شيء إذ يقول: " العباد الحقيقيون هم من يعبدون ألآب في اللوح والحقّ وكلّ من يعبدوه عليهم أن يعبدوه بروح الحقّ..."
" في المحبة المقدسة وهي الله، أسأل إخوتي جميعا: رؤساء وإخوة أن يبذلوا جهدهم لإزالة كلّ مانع أو همّ، وكلّ ارتباك يقف حائلا بينهم وبين محبة الربّ يسوع وخدمته، بين محبته وعبادته بصفاء نية ونقاوة قلب. هذا ما يطلبه الله فوق كلّ شيء. لنُقم إذا في داخلنا هيكلا ومسكنا لله العليّ القدير، للآب والابن والروح القدس". ( يتبع )
|