انّك تتصفّحين الآن هذا الموقع. لماذا؟
لعلّك تساءلت عن سبب وجود الراهبات؟! ولأية غاية وجدت الرهبانيات، التي تضمّ عددا غفيرا من النساء؟
سأحاول الإجابة عن سؤالك، ولكنّي سأسعى، أولا، إلى اطلاعك على خبرتي الشخصية. سأبدأ وأروي لك حاضري.
أنا راهبة، من الراهبات الفرنسيسكانيات مرسلات مريم. أشاطر أخواتي الراهبات حياتهنّ. نحن أربع أخوات، ولكلّ منّا جنسيتها. نحن سعيدات في العيش معا: كلّ واحدة تتقبّل الأخوات، اللواتي منحها الله إياهن. هذا التعايش لا يخلو من الصعوبة، لأنّ لكلّ واحدة منّا طبعها، وثقافتها، وقصة حياتها: لكلّ منّا شخصيتها الخاصة، تسعى إلى التعبير عنها وإنمائها. فما من مستحيل لمن يؤمن بالمسيح! ونحن نؤمن بأنّه دعانا، لنبني معا جماعة أخوية إنجيلية، أي لنكون أخوات، لا باللحم والدم، بل بالمسيح.
كلّ يوم، نحتفل بالإفخارستيا، علامة محبة المسيح للبشر، ونتقاسم كلمته التي تضيء دربنا. كلّ يوم تصلّي كلّ واحدة منّا. صلاة شخصية: إنها تستسلم لذاك الذي أحبّنا أولا، كي يروي نفسها وينعشها بحضوره.
وهكذا تصبح الحياة الأخوية ممكنة التحقيق، وتنفتح لخدمة الإخوة.
نحن، الأخوات الأربع، لسنا وحيدات، منعزلات في مقرّ إقامتنا، إذ لنا عدد كبير من الأخوات في العالم أجمع. تربطنا بعضنا ببعض شبكة كثيفة من الاتصالات واللقاءات؛ ويسرّنا دوما أن نشارك أخواتنا والشعوب التي نعايشها، أمانيهم وأفراحهم وآلامهم.
ها قد رويت لك حاضري، وحاضري له ماضيه.
الحياة الرهبانية، ككلّ حياة، دربٌ. إنها دربٌّ للاهتداء إلى روح الربّ. :كيف يبدأ هذا الدرب؟ هذا أمر يصعب عليّ تحديده! ولا أعرف إلا أمرا واحدا: وهو أنّ المبادرة تعود إلى الله. فالله هو الداعي، وبالإيمان وحده، تُستبين الدعوة.
وبعد ذلك، وفي وقت من الأوقات، يجب أن يستقرّ الرأي، وتُقفز القفزة، لا قفزة في المجهول، إذ تحملنا الثقة بالمسيح، إنما قفزة في عالم لا نعرفه معرفة تامة بعد. انّه اختيار الانضمام إلى إحدى الرهبانيات.
التنشئة الأولية تمرّ في ثلاث مراحل :
- قبل الابتداء: فترة تعارف متبادل بين الجانبين.
- الابتداء: فترة صلاة وتعمّق روحي وتأهيل ( عامين )
- بعد الابتداء: فترة النذور المؤقتة مع خبرة رسولية ودراسة لاهوتية.
بعد هذه المسيرة الطويلة تلتزم الراهبة بنذورها الدائمة: العفّة والفقر والطاعة.
حاولت أن أروي لك، ما أنا أسعى لأعيشه. إلا أنّ الأمور الروحية، لا نتفهّمها إلا إذا اختبرناها. وهذا الاختبار الذي يجمعنا في روح واحد، يظلّ فريدا بالنسبة لكلّ منّا.
أتمنى لكِ أن تختبري روح المسيح، في الكنيسة، اختبارا شخصيا.
تلبية الدعوة هي نهضة للحياة.
|