تعكس سيَر حياة القدّيس فرنسيس، وكتاباته، حبّه الكبير للصلاة الربّية. كانت التأملات والتعليقات على الصلاة الربّية رائجة في العصور الوسطى، وتدلّ على ذلك، مثلا، كتابات القدّيس برنردوس، وهوغ من سان فيكتور. وعلى الرغم من أن هذه الوثيقة غير موجودة في مخطوطات القرن الثالث عشر، بل في ستّ مخطوطات من القرن الرابع عشر، فقد قبل العلماء الفرنسيسيون أصالتها، ونسبتها إلى القدّيس فرنسيس، إذ إنّ الكثير من الصور الكتابية، والعبارات التي يستعملها، حاضرة في كتاباته الأخرى. لكن ذلك لا يعني أن يكون فرنسيس قد ابتكر هذا النص. فهو استعار جزءاً مهمّا من كتّاب آخرين. وفي كلّ الأحوال، فإنّ "التعليق على الأبانا" يعكس حياة فرنسيس الداخلية، ويقدّم صوراً لله، ومواقف تجاهه. إنّه " تعليم دينيّ" بشكل صلاة. إنّه هذه الوثيقة، على الأرجح، وهي المثل الوحيد حول كيفية استجابة فرنسيس لطلب إخوته بأن يعلّمهم كيف يصلّون.
(1) أبانا، يا كليّ القداسة:
خالقنا، وفادينا، ومعزّينا، ومخلّصنا.
(2) الذي في السموات
في الملائكة والقدّيسين،
منيراً إياهم حتى المعرفة، إذ إنك، يا ربّ أنت النور؛
ومضرماً إياهم حتى الحبّ، إذ إنك، يا ربّ أنت الحبّ؛
ساكناً فيهم، ومالئاً إياهم حتى السعادة،
إذ إنك، يا ربّ، أنت الخير الأسمى والأبديّ؛
الذي منك يأتي كلّ خير، ولا خير من دونك.
(3) ليتقدّس اسمك:
لتتّضح فينا معرفتك،
لكي نعرف
مدى عرض إحساناتك، وطول وعودك،
وعلو جلالك، وعمق أحكامك.
(4) ليأت ملكوتك:
حتى تملك فينا بالنعمة،
ولتأت بنا إلى ملكوتك
حيث رؤيتك بيّنة،
وحبّك كامل،
ورفقتك سعيدة،
والتمتّع بك أبديّ.
(5) لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض:
كي نحبّك بكلّ قلبنا، مفكّرين دائماً فيك،
وبكلّ نفسنا، راغبين دائماً فيك،
وبكلّ ذهننا، موجّهين نحوك كلّ نوايانا،
وملتمسين، في كلّ شيء، إكرامك؛
وبكلّ قدرتنا، منفقين كلّ طاقاتنا وأحاسيس نفسنا وجسدنا،
في خدمة حبّك، دون أي شيء سواه؛
ولكي نحبّ القريب، حبّنا لأنفسنا،
مجتذبين الجميع إلى حبّك، بكلّ قدرتنا،
مسرورين، بخير الآخرين، كما نسرّ بخيرنا،
ومتعاطفين مع آلامهم عند المصائب،
وممتنعين عن أية إهانة لأيّ إنسان.
(6) أعطنا اليوم خبزنا كفاف يومنا:
ابنك الحبيب، ربّنا يسوع المسيح،
ذكرى، وإدراكاً، واحتراماً
لحبّه لنا، ولما قاله لنا، ولما فعله، واحتمله من أجلنا.
(7) واغفر لنا ذنوبنا:
برحمتك التي لا يحيط بها تعبير،
وبفضل آلام ابنك الحبيب،
وباستحقاقات الكليّة الطوباوية، العذراء، وشفاعتها،
وجميع مختاريك.
(8) كما نحن نغفر، لمن أساء إلينا:
وما لا نغفره كلّياً،
اجعلنا، يا ربّ، نغفره كلّياً،
لكي نحبّ أعداءنا، حقّاً، من أجلك،
ولكي نشفع لديك، بتقوى، من أجلهم،
غير مجازين شرّاً بشرّ،
ولكي نجهد كي نكون، بك، مفيدين في كلّ شيء.
(9) ولا تدخلنا في التجربة:
خفيّة كانت أم ظاهرة، مفاجئة أم مزعجة.
(10) لكن نجّنا من الشرّ:
الماضي، والحاضر، والمستقبل.
المجد للآب والابن والروح القدس ....
|